تستثمر شركات النفط والغاز في الذكاء الاصطناعي كأحد أهم الأدوات التكنولوجية التي تعد بنهضة صناعيَّة كبرى. فقد تم تبني الذكاء الاصطناعي لتحقيق الكفاءة في الإنتاج، وزيادة الأمان، والمساهمة في الاستدامة البيئية. ولكن، ما هي الفوائد المحتملة والتحديات التي قد تواجهها الشركات ومصافي النفط والغاز؟
الفوائد. في البداية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم الشركات في استكشاف النفط والغاز وبالتالي الحفر بكفاءة أعلى، وذلك باستخدام تقنيات التعلُّم العميق، حيث بالإمكان تحليل بيانات الاستكشاف الجيولوجية بسرعة ودقة لتحديد المواقع المُثلى للحفر، ما يقلِّل من الأخطاء أولًا ومن ثَمَّ التكاليف . ففيما يتعلق بالمصافي، يعمل الذكاء الاصطناعي على زيادة كفاءة التشغيل والصيانة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي استكشاف أنماط الأعطال المحتملة والتنبؤ بها قبل حدوثها، ما يوفر الوقت ويقلِّل من التكاليف ويزيد نسبة الأمان ما يعني تقليل نسبة الحوادث على أنواعها. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء .الاصطناعي في التدريب والتحكُّم بالجودة، مع تراجع نسبة الأخطاء وتحسين الأداء. هذا ويمكن للروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي القيام بالعمليات الروتينية بدقة وسرعة أعلى من البشر.
أما على الجانب الأمني، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يحمي الشركات من الهجمات السيبرانية عبر تحليل البيانات في الوقت المناسب والكشف عن الأنماط الغريبة، ما يتيح التعرُّف على الهجمات المحتملة في مراحلها الأولى.
أخيرًا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الشركات في تحقيق أهدافها البيئية. من خلال تحسين الكفاءة وتقليل الأعطال، والأهم إمكانية تقليل الانبعاثات الضارّة وأثرها على البيئة..
مع الفوائد المتعدّدة، هناك أيضًا تحديات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي. تتضمن الحاجة إلى بنية تحتية قوية وموثوقة للبيانات، والتي قد تتطلب استثمارات ضخمة. ومع ازدياد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي،  يزداد أيضًا القلق بشأن الأمن السيبراني. فالهجمات السيبرانية قد تكون أكثر تدميرًا في بيئة تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات تتعلق بالقوى العاملة. فالذكاء الاصطناعي قد يعني أن العديد من الوظائف الحاليّة ستصبح غير ضرورية، ما يعني أن الشركات قد تحتاج إلى إعادة تدريب قلّة من العمال، بينما على الغالبية البحث عن وظائف بديلة لهم.
من هنا تبرز حقيقة ما يّثار دائمًا حول الضوابط الأخلاقية والاجتماعية المتعلقة بالأتمتة وفقدان الوظائف وهي التحدي الأهم، وقد يكون الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي مشكلة فعليّة، لجهة تقليل ما اعتدناه من أهمية القدرة البشرية دون سواها على اتخاذ القرارات الحرجة.
ففي الخلاصة يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يقدّم الكثير من الفوائد لشركات النفط والغاز واستطرادًا لغيرها من الشركات في المجالات الحديثة والمستحدثة، لكنه يضع إدارة هذه الشركات أمام تحديات، ما يستوجب عليها  أن تجد التوازن بين الاستفادة من هذه التكنولوجيا الرائدة والحفاظ على النسبة المطلوبة من التحكم والأمان. فعلى الرغم من التحديات، يبقى الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن استخدامها لتطوير الصناعات وفي مقدمتها صناعة النفط والغاز وتوجيهها نحو مستقبل اكثر استدامة.

بقلم الدكتور أحمد الجبوري