لا يمكنني إنكار اهتمامي وتركيزي الكبير على برامج وأنظمة الذكاء الاصطناعي، خصوصا في هذه الفترة، في ظل الثورة التي يشهدها هذا المجال في جميع القطاعات وعلى كافة الأصعدة. ولذلك، أقدم نظرة شخصية على مستقبل الذكاء الاصطناعي في العراق وكيف يمكن لهذه التقنيات الحديثة أن تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي للبلاد وتحسين وضعها في المنطقة العربية بشكل عام وفي العراق بشكل خاص.
أصبح من الواضح أن الاستثمارات المتزايدة في أنظمة الذكاء الاصطناعي هي التي تقود في المقام الأول سوق الذكاء الاصطناعي في العراق في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وما يواجهه من تحديات نتيجة الصراعات السابقة وعدم الاستقرار السياسي الذي انعكس سلبًا، على الرغم من أن العراق يُعد واحدًا من أكبر دول منتجة للنفط في العالم، إلا أنه يجب علينا التفكير بجدية في تنويع الاقتصاد لتقليل اعتمادنا على صادرات النفط. وبالإضافة إلى ذلك، تسببت جائحة كوفيد-19 في تفاقم هذه التحديات، حيث أدى الانخفاض الحاد في الطلب العالمي على النفط إلى تراجع كبير في إيرادات البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع الطلب على الأنظمة الذكية يدعم النمو بمعدل سريع. ومع ذلك، فإن تكلفة تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي هي العامل المقيد الرئيسي الذي يؤثر على نمو السوق.
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا في حل بعض هذه المشاكل؟ إنني أعتقد ذلك. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم بشكل كبير في زيادة كفاءة وإنتاجية العديد من القطاعات. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الري القائمة على الذكاء الاصطناعي أن تساعد في تحسين استخدام المياه في الزراعة، مما يسهم في زيادة الإنتاج بكفاءة أكبر وهذا يعني مزيدًا من المحاصيل بأقل كمية من المياه في الوقت الذي يدق ناقوس الخطر بسبب أزمة شح المياه وجفاف دجلة والفرات. أما في مجال الرعاية الصحية، فإن أدوات التشخيص الذكية يمكن أن تحسن نتائج العلاج وتوفير الوقت والجهد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تطوير صناعات جديدة ونماذج أعمال مبتكرة، مما يؤدي إلى زيادة التنوع والنمو الاقتصادي.
ومع ذلك، هناك تحديات ومخاطر يجب مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار. أحد هذه التحديات هو احتمال فقدان بعض الوظائف التقليدية نتيجة تنفيذ التكنولوجيا الذكية، وهو ما يضع الشباب على وجه الخصوص أمام شبح البطالة والخوف من خسارة وظائفهم وتقل
يل فرصهم في ظل انتشار الذكاء الاصطناعي في صناعات مثل التصنيع والنقل. متغافلين عن الفرص التي يمكن أن تتيحها لهم ثورة التحول إلى التكنولوجيا الذكية وفرص العمل والوظائف الجديدة في مجال تطوير وصيانة هذه التقنيات.
مشكلة أخرى تتعلق بخصوصية البيانات وسريتها. نظرًا لأن أنظمة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى كميات كبيرة من البيانات، فهناك خطر تعرض المعلومات الشخصية للانتهاك. لذا، هنا يجب أن نشير لضرورة الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي يهدف لحماية وخصوصية المعلومات وضمان استخدامها بشكل أخلاقي بالإضافة إلى أهمية و ضرورة وضع اللوائح والقوانين الصارمة ضمن إطار تنظيمي فعّال يضمن الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي وحماية خصوصية البيانات.
في الختام، يمكننا أن نرى أن الذكاء الاصطناعي له القدرة على تحقيق تطور إيجابي في الاقتصاد العراقي. من خلال الاستثمار في التكنولوجيا ووضع إطار تنظيمي صارم، يمكن لهذه التقنيات أن تفتح أبوابًا جديدة للفرص في مجال الأعمال للشباب والمشاريع الصغيرة والكبيرة مما يعزز النمو الاقتصادي في العراق.